قصة «سرير بروكرست Procrustean Bed»
“بروكروست” في الميثولوجيا اليونانية، هو قاطع طريقٍ يعيش في أتيكا، وكانت له طريقةٌ خاصةٌ جدًّا في التعامل مع ضحاياه، فكان بيَستدْرِج ضَحِيَّته ويُضيّاِفه ويكرمه اخر كرم، وبعد العشاء يدعوه للمبيت عنده لليله، على سريره الحديدي الشخصي، ويوصفله إنه سريرٌ مفيش ذيه، بيتميز بميزةٍ عجيبة، وهي أن طوله يلائم دائمًا مقاس النائم عليه أيًّا كان.
لكن في الواقع كان “بروكرست” هو اللي كان بيخلي الضيف او (الضحيه) على مقاس السرير، فأول ما الضيف ينام على السرير يبدأ “بروكرست” يشتغل، فيربطه بإحكامٍ ويشدُّ رجليه إن كان قصيرً عشان يمطها إلى الحافة، أو يبترهم بترًا إن كان طويل، عشان ينطبق مقاس الضيف تمامًا مع طول السرير!
وفضل يعمل كده لغاية ما لقِيَ جزاءه على يد البطل الإغريقي ثيسيوس Theseus اللي خلاه يدوق من نفس الكاس بتاعه، وحطه على السرير بتاعه وقطع رقبتَه لينسجم مع طول سريره.
ومن هنا نقدر نقول ان مصطلح («البروكرستية» (Procrusteanism) بيشير الى الأشخاص او المؤسسات اللي تميل «فرض القوالب» على الأشياء (أو الأشخاص، أو النصوص …) أو ليِّ الحقائق وتشويه المعطيات وتلفيق البيانات بحيث تنسجم قسرًا مع مخططٍ ذهني مسبق، إنه القولبة الجبرية، والتطابق المُعْتسف، والانسجام المُبَيَّت، إنه افتئاتٌ على الواقع قَلَّما يفلت من غضبة المنطق وانتقام الحقيقة.
من كتاب المغالطات المنطقية: فصول في المنطق غير الصوري